في فيلم “لقطات تم العثور عليها: صناعة مشروع باترسون (2025)”، نغوص في عالم صناعة الأفلام الوثائقية، ولكن هذه المرة من منظور مختلف تمامًا. الفيلم يتبع فريقًا من السينمائيين الوثائقيين المحترفين الذين يقررون توثيق رحلة صانع أفلام شاب ومتحمس يسعى لإنتاج فيلم رعب فريد من نوعه يعتمد على أسلوب اللقطات التي يتم العثور عليها.
الفكرة تبدو بسيطة في البداية: تتبع الشاب أثناء بحثه عن الإلهام، وتوثيق عملية الكتابة، والتصوير، والمونتاج، وصولًا إلى العرض الأول للفيلم. ولكن مع مرور الوقت، تبدأ الأمور في التعقيد. الشاب، الذي يبدو واعدًا في البداية، يبدأ في إظهار سلوكيات غريبة، وتتداخل رؤيته الفنية مع الواقع بشكل مقلق. الفريق الوثائقي يجد نفسه أمام معضلة: هل يواصلون التوثيق بغض النظر عن التداعيات، أم يتدخلون لوقف ما قد يكون جنونًا؟
الفيلم يطرح أسئلة عميقة حول العلاقة بين الفن والواقع، وحول حدود التدخل في حياة الآخرين باسم التوثيق. هل يمكن للفن أن يبرر أي شيء؟ وهل يتحمل الفنان مسؤولية عن تأثير فنه على الجمهور؟ هذه الأسئلة تزداد إلحاحًا مع تطور الأحداث، ومع تحول الفيلم الوثائقي نفسه إلى جزء من قصة الرعب التي يحاول الشاب صناعتها.
من الناحية الفنية، يعتمد الفيلم على أسلوب “الفيلم داخل الفيلم”، حيث نرى اللقطات التي يصورها الفريق الوثائقي، بالإضافة إلى اللقطات التي يصورها الشاب لفيلمه الخاص. هذا الأسلوب يخلق طبقات متعددة من السرد، ويجعل المشاهد يتساءل باستمرار عن حقيقة ما يراه. هل ما نراه هو الواقع، أم مجرد تمثيل للواقع؟
الأداء التمثيلي في الفيلم ممتاز، حيث ينجح الممثلون في تجسيد شخصياتهم بشكل مقنع. الشاب المخرج يبدو في البداية واثقًا ومتحمسًا، ثم يتحول تدريجيًا إلى شخص مضطرب ومهووس. الفريق الوثائقي يمثل مجموعة متنوعة من الشخصيات، ولكل منهم وجهة نظر مختلفة حول ما يحدث. هذا التنوع يضيف عمقًا إلى الفيلم، ويجعل المشاهد يتعاطف معهم جميعًا.
“لقطات تم العثور عليها: صناعة مشروع باترسون (2025)” هو فيلم مثير للتفكير، يجمع بين عناصر الرعب والإثارة والدراما. إنه ليس مجرد فيلم رعب تقليدي، بل هو استكشاف عميق لعملية الإبداع، وللعلاقة بين الفن والجنون. إذا كنت تبحث عن فيلم يجعلك تفكر بعد انتهائه، فهذا الفيلم هو خيار ممتاز. يمكنكم مشاهدة الفيلم على Turkcima.fun.
