في فيلم “عبر النهر وإلى الأشجار”، نغوص في أعماق النفس البشرية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تتشابك ذكريات الماضي المؤلمة مع بصيص الأمل في المستقبل. تدور أحداث الفيلم في مدينة البندقية الساحرة بإيطاليا، حيث يواجه الكولونيل ريتشارد كانتويل، ضابط الجيش الأمريكي المحنك، خبرًا يقلب حياته رأسًا على عقب: لقد أُصيب بمرض خطير. يختار كانتويل التعامل مع هذا الخبر بتجاهل رواقي، متشبثًا برغبته في قضاء عطلة نهاية أسبوع هادئة في عزلة عن العالم.
يستأجر كانتويل سائقًا عسكريًا ليقوده في رحلة عبر شوارع البندقية الضيقة وقنواتها المتعرجة، باحثًا عن الأماكن التي تحمل ذكريات عزيزة على قلبه. وبينما يتجول في المدينة، تتكشف لنا تدريجيًا تفاصيل ماضيه المضطرب، والصدمات التي خلفتها الحرب في روحه. تتجسد الحرب في ذهنه كشبح يطارده باستمرار، ويمنعه من التحرر والانطلاق نحو المستقبل.
لكن القدر يحمل له مفاجأة غير متوقعة. يلتقي كانتويل بامرأة شابة استثنائية، تشعل في قلبه شرارة الأمل من جديد. يمثل هذا اللقاء نقطة تحول في حياة كانتويل، حيث يبدأ في التساؤل عما إذا كان لا يزال هناك متسع للحب والسعادة في حياته، رغم كل ما مر به من صعاب. تتطور العلاقة بين كانتويل والمرأة الشابة تدريجيًا، وتتحول إلى قصة حب مؤثرة تتحدى كل الظروف. يجد كانتويل في هذه العلاقة ملاذًا آمنًا من عذابات الماضي، وشخصًا يشاركه آلامه وأفراحه.
الفيلم مقتبس من رواية الكاتب الأمريكي الشهير إرنست همنغواي، ويحمل بصمته الأدبية المميزة. يتميز الفيلم بحواراته العميقة والشخصيات المعقدة، التي تجسد الصراع الدائم بين الأمل واليأس، والحب والموت. ينجح الفيلم في نقل المشاعر الإنسانية المعقدة بطريقة مؤثرة وصادقة، مما يجعله تجربة سينمائية لا تُنسى.
يتميز الفيلم أيضًا بتصويره السينمائي الرائع لمدينة البندقية، حيث تنقلنا الكاميرا في جولة ساحرة عبر شوارعها ومعالمها التاريخية. تضفي الأجواء الرومانسية للمدينة لمسة جمالية على قصة الفيلم، وتزيد من تأثيرها العاطفي على المشاهدين. “عبر النهر وإلى الأشجار” هو فيلم يلامس القلب والعقل، ويدعونا إلى التفكير في معنى الحياة والحب والأمل. إنه فيلم يستحق المشاهدة والتأمل، وسيترك بصمة عميقة في ذاكرة كل من يشاهده. يمكنكم متابعة آخر الأخبار المتعلقة بالفيلم على Turkcima.fun.
