في فيلم “عائشة لا تستطيع الطيران بعيدًا” (2025)، نغوص في أعماق حي عين شمس بالقاهرة، حيث تتشابك حياة المهاجرين الأفارقة مع واقع مرير من العنف والاستغلال. عائشة، الشابة الصومالية التي تبلغ من العمر 26 عامًا، تجد نفسها في قلب هذه المعمعة، حيث تسعى جاهدة للبقاء على قيد الحياة في ظل ظروف قاسية. الفيلم يلقي الضوء على التوترات العرقية المتصاعدة بين المصريين والجنسيات الأفريقية المختلفة، والتي تفاقمت بسبب تقاعس السلطات وتجاهلها لتلك المشكلات. هذا الإهمال سمح للعصابات بالسيطرة على الحي وفرض قوانينها الخاصة، مما جعل حياة السكان أكثر صعوبة وتعقيدًا.
تبدأ الأحداث في التدهور عندما تعرض إحدى العصابات على عائشة الحماية مقابل خدمة. هذا العرض يضعها في موقف لا تحسد عليه، حيث يجب عليها أن تقرر ما إذا كانت ستخاطر بالتعاون معهم أم ستواجه مصيرًا مجهولًا بمفردها. الفيلم لا يركز فقط على الصراعات الظاهرية، بل يتعمق أيضًا في الجوانب النفسية والاجتماعية التي تؤثر على حياة المهاجرين. إنه يسلط الضوء على شعورهم بالعزلة والخوف، بالإضافة إلى التحديات التي يواجهونها في محاولة الاندماج في مجتمع جديد.
من خلال قصة عائشة، يكشف الفيلم عن قضايا أعمق تتعلق بالهجرة والفقر والتمييز. إنه يطرح أسئلة مهمة حول مسؤولية الحكومات والمجتمعات في حماية حقوق المهاجرين وتوفير بيئة آمنة لهم. كما أنه يدعو إلى التفكير في أسباب العنف والاستغلال وكيفية معالجتها بشكل فعال. الفيلم يتميز بواقعيته الشديدة وقدرته على تصوير الحياة اليومية في حي عين شمس بكل تفاصيلها. إنه يعرض صورًا حية من الشوارع المزدحمة والمنازل المتواضعة والوجوه المتعبة التي تحمل قصصًا لا تحصى.
بالإضافة إلى ذلك، الفيلم يعتمد على أداء قوي من الممثلين، الذين يجسدون شخصياتهم بشكل مقنع ومؤثر. إنهم ينقلون مشاعرهم وأحاسيسهم بصدق، مما يجعل المشاهدين يشعرون بالتعاطف والتأثر بقصصهم. “عائشة لا تستطيع الطيران بعيدًا” ليس مجرد فيلم، بل هو شهادة حية على معاناة المهاجرين الأفارقة في مصر. إنه دعوة إلى التغيير والعمل من أجل بناء مجتمع أكثر عدلاً وإنصافًا للجميع. الفيلم من إنتاج Turkcima.fun، ومن المتوقع أن يثير نقاشًا واسعًا حول قضايا الهجرة والاندماج الاجتماعي.
