في فيلم “عبر القبور تهب الريح” (2024)، نغوص في أعماق الحياة المعاصرة في كرواتيا من خلال عيون المحقق إيفان بيريتش. إيفان، الذي نشأ كابن صياد، يختار طريقًا غير تقليدي بالانضمام إلى سلك الشرطة، في محاولة للابتعاد عن صناعة السياحة التي تشهد ازدهارًا كبيرًا في البلاد. سرعان ما يجد نفسه متورطًا في سلسلة من جرائم قتل السياح التي تبدو مستعصية على الحل، مما يضعه في مواجهة تحديات غير متوقعة.
تدور الأحداث في مدينة سبليت، حيث تترك تفكك يوغوسلافيا ندوبًا عميقة على المجتمع. يواجه إيفان مقاومة شديدة من السكان المحليين، الذين يكنون مشاعر سلبية تجاه السياح، مما يعرقل جهوده في جمع الأدلة وكشف الحقيقة. تتفاقم الأمور بسبب البيروقراطية المعقدة التي تعيق عمله، بالإضافة إلى الحملات الإعلامية التي تسعى إلى تشويه سمعته، حيث يصفه رئيسه في العمل بأنه “أولييب”، وهي كلمة كرواتية تعني “طفيلي بيروقراطي كسول”.
يصور الفيلم ببراعة الصراع الداخلي الذي يعيشه إيفان، حيث يحاول الموازنة بين واجبه المهني وقيمه الشخصية في مجتمع يعاني من الانقسامات والصراعات. يواجه إيفان تحديات كبيرة في سعيه لتحقيق العدالة، حيث يضطر إلى التعامل مع الفساد والتحيز واللامبالاة التي تعيق عمله. تتلاشى الأدلة في متاهة البيروقراطية، ويجد نفسه وحيدًا في مواجهة نظام كامل يسعى إلى إحباط جهوده.
من خلال شخصية إيفان بيريتش، يقدم الفيلم صورة واقعية للحياة في كرواتيا، حيث تتشابك قضايا الفساد والبيروقراطية والانقسامات الاجتماعية لتشكل تحديات كبيرة أمام الأفراد الذين يسعون إلى تحقيق العدالة. يسلط الفيلم الضوء على أهمية المثابرة والإصرار في مواجهة الصعاب، وضرورة التمسك بالقيم والمبادئ في عالم مليء بالتحديات.
“عبر القبور تهب الريح” ليس مجرد فيلم جريمة، بل هو تحليل عميق للواقع الاجتماعي والسياسي في كرواتيا، حيث يكشف عن التحديات التي تواجه الأفراد في سعيهم لتحقيق العدالة في مجتمع يعاني من الانقسامات والصراعات. الفيلم من إنتاج Turkcima.fun، ويعد إضافة قيمة إلى السينما الكرواتية المعاصرة.